الثلاثاء، 21 ديسمبر 2010

القاصة مليكة نجيب: 

أرفض التسلح بالإثارة لاستمالة القارئ


*** من الصعب جدا أن نتحدث عن القصة القصيرة المغربية، دون أن تستوقفنا القاصة مليكة نجيب بأسلوبها المغاير والآسر في أقصوصاتها، وبمواضيعها المثيرة والعميقة والدالة.. لقد استطاعت -بعيدا عن طبول الدعاية والحرب- أن تغطي بأناملها الأدبية، مساحة واسعة من «بلاد» القصة القصيرة، وأن تقتحم أدغالها ومغاراتها ومجاهيلها، بجسارة لغوية وسردية وشعرية ووجودية ملفتة للغاية، وبروح إنسانية تستحضر عبرها صورا متناغمة من القلق النفسي الإنساني، والبحث النسوي الهوياتي، والبوح المسنود بحركية الإبداع الحر والثوري.. مليكة نجيب امرأة من زمن يحسن صناعة الأسئلة.. وأسئلة مليكة ملتبسة ومضيئة، لكنها تمس بحنو شديد، واقعنا المجتمعي في أبعاده المختلفة.. أسئلتها نجدها بوضوح كبير في نص أجوبتها المؤسسة لهذا الحوار.
* نقلت بقصصك الكثيرة والثرية جمعا من القراء إلى عوالم يمتزج فيها الواقع بالخيال.. فاستمتعوا وارتووا إلى حد الانتشاء، غير أنهم لحد الآن، يتطلعون - ولا شك - إلى قراءة قصتك أنت كإنسانة تمشي في الأسواق، وتأكل الطعام، وتصنع وليمة أعشاب الحلزون.. أو كما نقول نحن في الشمال زلافة اديال غلاله (بضم الغين) وليس اغلالة.. من هي مليكة نجيب؟
** مليكة نجيب امرأة انحدرت ذات طلب للانتجاع مع الأسرة من مدينة أرفود بإقليم تافيلالت، الواحة المترامية في حضن السذاجة والقناعة والتهميش إلى مركز-مدينة، توحي بضمان عيش كريم، وتطمئن بتوفير مادة حيوية: الماء.
ربة بيت، تحضن أبناء بحب الأمومة الفياض، تلقائية في العيش، وفي العلاقات الاجتماعية وصلة الأرحام مع الأهل والأحباب والمعارف، تتطوع بدون تعب في الأنشطة الاجتماعية الهادفة، وتتوق بكل السبل للتوفيق بين عمل الإدارة والبحث العلمي والإبداع ومتطلبات البيت المتزايدة التي غالبا ما يربك تلبيتها أولوية الاهتمام بالأبناء: صوفيا وزكرياء وسحر.
وتبقى عملية إعداد وصفات خاصة كطبخة الحلزون أو المدفونة أو الرفيسة، وقفة موسمية لاستعادة خبرة متوارثة يخشى ضياعها.
* كيف تشكل وعيك القصصي؟ ومن دفعك قسرا أو محبة إلى اقتحام عالم السرد، ومعاقرة الشخوص والأحداث والفكرة والعقدة والمتاهة الفنطازية؟
** هو ما زال قيد التشكل، فتجربتي في الكتابة مشروع رزين يتجنب الامتداد في الخواء، لبناته تسعى للانصهار والالتحام بالصدق والصقل والتعلم من التجارب الأخرى.
وكما سبق لي أن قلت، أنا أنكتب أكثر مما أكتب، أنا مادة زئبقية في النص، قد أكون الساردة أو أحد الشخوص وقد أغيب. خلقت نواة في رحم الكتابة، أبحث باستمرار وبتحد الباحث عن هويته، عن جنسي في حضنها: تلبسني الفكرة وأتدثر بعباءة الخيال وأمتطي أحصنة السرد الصعبة الانقياد وأرحل في مجاهل الحكي، يحدث أن يكبو فرسي وينضب مدادي وتستهويني الآفاق غير المنتظرة في محراب جذبتي الابداعية، وأحلم، أنا أحلم دوما أن أبرع في نسج حكايات تستهوي كل القراء المفترضين.
* إلى أي حد وظفت مليكة نجيب «أجزاء» من حياتها المعيشة في نصوصها السردية؟ وفي أية مجموعة قصصية كثفت من حضورها الاجتماعي والثقافي والسياسي.. في «الحلم الأخضر».. في «لنبدأ الحكاية».. في «السماوي.. في «انفجرت ضاحكة»؟
** أتساءل هل فعلا لحيواتنا أجزاء؟ وإن كانت كيف تتم عملية التجزيء؟
لنقل أنها عبارة عن أحوال وصروف ومحطات وأحداث، تلك الأجزاء. لا أدري..... أرى أنني أنسج حكايات، الساردة في لم تغرف بعد من مخزون حياة متنوعة ومتعددة المحطات، الطفولة خاصة.
لا أستطيع تحديد المجموعة القصصية الأكثر تكثيفا للحضور الاجتماعي والثقافي والسياسي، لماذا؟
لأنني لا أضع البتة تصورا مسبقا لما سوف أكتبه، يخلص مخاض ولادة النص عن شخوص وأحداث، وحتى الفكرة التي أنطلق منها بعض المرات تخون انتظاري وتنبث مغايرة لتوجيهاتي، أقبل الأمر طواعية فأنا بدوري أنكتب.
* في عدد من نصوصك القصصية، تباغث مواضيع الجنس بمفهومه الأدبي الطقوسي، وبحمولته التقنية - إن صح هذا التعبير - قراء عديدين متشبعين بثقافة المحافظة والتقليد.. ألا تخشين انصراف مثل هؤلاء عن نصوصك الحاضرة واللاحقة؟ أم أن استحضارك لهذه المواضيع محاولة لدفع القارئ إلى بناء المجتمع وفق قيم ومسلكيات جديدة جريئة ومنفتحة؟ أم هي محاولة للظهور بمظهر «خالف تعرف»؟
** أرفض في عملية الكتابة أن أتسلح بأداة الإثارة لاستمالة اهتمام القارئ، كيفما كان نوع هذه الإثارة، أعتبرها أداة للنصب والاحتيال تجانب الصدق والشفافية،
أرفض التصنع، أو الظهور بمظهر «خالف تعرف» إلا أنني بالمناسبة لا أحبذ أن تكون كتاباتي نسخا ونقلا وتقليدا لأساليب الآخرين، فلكل كاتبة وكاتب أسلوبه الخاص، وصوته المتميز وطريقته التي تحفظ خصوصياته.
لا أفرض نهجا يتبنى الإثارة في الكتابة و لا أتعمد كما قلت الخوض في الجنس بمفهومه الأدبي الطقوسي، لا أتعمد التميز بالإثارة خاصة الجنسية منها.
ومع ذلك أتساءل مستغربة أن تعتبر إشارة جنسية شرارة اشتعال ردود فعل متأججة، فالجنس حاضر في حياتنا بكل تجلياته، أحترم ثقافة المحافظة غير أن استمرار التعامل مع هذا الموضوع الطابو وكأنه فزاعة تحدق بسلوكنا وقيمنا ونعتبره من ناحية أخرى مشجب لتعليق الرفض للنص وتهميشه، وهي مسألة مطروحة للنقاش في إطار الأسئلة التي عرفت تناولا واسعا مثل مدى الاستجابة لطلب المتلقي المفترض وعدم خدش شعوره وعدم تجاوز الخطوط الحمراء، ثم لمن نكتب؟ وماذا علينا كتابته؟ أسئلة كثيرة تتناسل، وأعتقد أن الإحاطة بأجوبة مقنعة وشافية لها ليست بالأمر الهين، انطلاقا من أن عملية الكتابة خلق وبناء وامتداد بحرية وتنطع لكل الحواجز الوهمية. هي نفخ الروح في العدم ونسج بصوف الصدق، ووله بجمالية اللغة والوفاء لها.
* كل من قرأ واطلع على أقصوصتك «الأسير» إلا وتساءل باندهاش كبير عن شكلها البنائيوروحها الشعرية.. هل تطمحين إلى إحداث ثورة في البناء القصصي؟ وخلق نموذج يسمى «قصيدة» القصة القصيرة على غرار قصيدة النثر؟
** يبقى طموحي في كتابة القصة القصيرة، هي القبض على تمنع ذلك النص الهارب، كما سبقت لي الإشارة إلى ذلك تبقى نصوصي كواكب آفلة، أطمح للفوز بأسلوب متميز وحبكة آسرة، ربما لم أحقق التراكم الكفيل بإحداث ثورة على البناء وخلق نموذج يسمى قصيدة القصة القصيرة، أجتهد في الكتابة، أطمح إلى المساهمة إلى جانب باقي الأصوات المبدعة في البحث عن التجديد والغنى والثراء، مرة انطلاقا من وعي، ومرات بالصدفة، مثلا يوم استعملت فأرة الحاسوب بطلة في نص قصصي، وتمكنت تلك الفأرة من نسج محيط حكائي ينسجم مع توجهاتها، وعلى حد علمي المتواضع كنت من السباقين لتوظيف ذلك في الكتابة.
* يلاحظ بأسف كبير أن الأقلام النسوية المغربية تتورع عن ولوج عالم الرواية، بينما تتقدم بجسارة وقوة وعنفوان إلى القصة القصيرة، وإلى الشعر.. ما السبب في ذلك؟
** ربما تريد قول الأقلام النسائية وليس النسوية، عندي اعتراض على التسمية، إذ تبقى الكتابة إنسانية إبداعية سواء أكانت بأقلام النساء أو بأقلام الرجال.
ربما أن طبيعة الرواية التي تتطلب نفسا واسعا ومجالات متعددة وتفرغا نسبيا أكثر شساعة من باقي الأجناس هو مبرر الحضور المكثف لأقلام النساء المبدعات في الشعر والقصة القصيرة، لا تتأسف، فالوعي بقيمة الكتابة لإثبات ذوات النساء جلية والآتي يبشر بانخراط غير مشروط للمرأة المبدعة في كل الأجناس الأدبية.
* لمن تقرئين – بشغف وإعجاب - من الأسماء النسائية المغربية؟ ومن الأسماء الذكورية؟
** أقرأ لجل الكاتبات والكتاب المغاربة باعتبارهم أصواتا متميزة مختلفة مبدعة، وقراءة ما ينشر هو تواصل إبداعي، ضروري للاستمرارية في الكتابة، وكذلك وسيلة للتكامل والتعلم.
* ولمن تقرئين من الأديبات والأدباء العرب والأجانب؟
** أقرأ لبعض الأدباء العرب والأجانب، ولكن بشكل جد محصور بسبب عدم التفرغ، والبحث العلمي الذي يفرض علي التعامل مع مراجع وكتب خاصة، يتعذر الجمع بينها وبين الإبداع.
* ما هو جديدك القادم؟
** القادم من نصوصي مجموعة قصصية جديدة، تتوق لقارئ يترقب صدورها ليحضنها بقلب العاشق المتسامح.
 

الثلاثاء، 23 مارس 2010

القاصّة مليكة نجيب لـ "العرب": لاينبغي أن نحاسب النص من خلال كاتبه

 

 
2010-03-23 أجرى الحوار: إبراهيم الحجري  
تعتبر القاصة مليكة نجيب من القاصات العربيات الأوليات اللواتي تقدمن إلى حلبة الكتابة الإبداعية غير آبهة بالمعيقات والحواجز، اعتقادا منها بكون الكتابة وطنا كبيرا لا يخص أحدا دون آخر، ولا يدخله الرجال دون النساء. وقد سلكت التجربة القصصية بنفَس جديد يتخطى إيقاع البناء الكلاسيكي، ويروم تأسيس نموذج يسائل الذات في علاقتها بالمعيش من جهة، وفي علاقاتها بالتمثلات المتراكمة ثقافيا "doxa". إن الكتابة بالنسبة إليها قسوة دائمة على الذات، واشتغال مستمر عليها. من أعمالها: «الحلم الأخضر»، «وانفجرت ضاحكة» و«لنبدأ الحكاية». التقتها "العرب" بالرباط وأجرت معها الحوار التالي حول الكتابة وقضايا المرأة وأمور أخرى:
 من مليكة نجيب القاصة لدى مليكة نجيب الإنسانة؟ وكيف تتحدد المسافة بينهما أثناء العملية الإبداعية؟
*ليس هناك أي تباعد بين مليكة المبدعة ومليكة الإنسانة، لأن المبدعة حينما تؤلف نصا تستجمع من خلاله أطراف الحياة أو تسائل قضية من القضايا أو ترتاد به حقائق الحياة، فهي تفعل ذلك لكي تضيء جوانب النفس البشرية.
إن الإبداع بشكل ما، تغير، وتغيير لطرق التفكير، محاولة لتجاوز التنظيمات القائمة. إنه نوع من الاندهاش أمام ما تصلب بفعل الاعتياد والعادة، وانفتاح على آفاق جديدة للتفكير والحياة، وقبل كل شيء هو خلق للذة ومتعة تجعلنا نحقق نوعا من الرضا على الذات أو معها.
فالنص الجيد هو الذي يحقق هذا المبتغى، والقارئ أو المتلقي الجيد كذلك هو الذي يتحرر من الاجترار والنمطي والمستقر.
إن الكاتبة تستمد الكثير من تجربتها الشخصية، كما يتضمن النص الكثير من الآراء والأفكار والرؤى والمواقف العامة، ولكن النص الجيد كذلك هو الذي يخرج من الذاتي ليلامس المشترك عند جميع الناس، وهنا يكون اللقاء بين الذات المبدعة والذات الإنسانة، بحيث إن المتلقي حينما يقرأ النص يجد فيه ذاته كذلك.
ما أضع مسافة بيني وبينها هي مليكة الموظفة، مليكة الزوجة، مليكة الفاعلة الجمعوية، مليكة الباحثة، لأن كل هذه الانشغالات تفرض أدوارا اجتماعية تلزم وتكبل وتجعلك في الغالب تنصاع لشروط العمل ونوعية التصرف المطلوب وإكراهات الأدوار، فهي تغرقك في اليومي، واليومي كما تعلم، ضد كل عمق تفكير أو تأمل إبداعي.
 تكتبين القصة القصيرة وفكرك موصول بالتأمل في قضايا الإنسان، وتشعب اهتمامه، لذلك تغلب على السرد لديك ظاهرة التفلسف والحوار الداخلي واللغة الإيحائية.. كيف تفسرين ذلك؟
أظن -من غير أن يكون لهذا الظن أي إثم- أن الكتابة القصصية توظف الرمز والإيحاء، بل نجد هذا في كل الفنون، ومن ثمة فهي تصل ما بين الواقع والخيال، ويقوم المبدع بدور الوسيط بين الأحداث والشخوص التي يبدعها وبين المتلقي المفترض، ويخلق توظيف الرمز بالمتن القصصي تأويلات متعددة، وهذا ليس عيبا بل إثراء للنص.
ذكرت سابقا أن الإبداع يمر عبر تأمل وتباعد مع الأشياء والناس ومع الذات كذلك، ودور القصة القصيرة في نظري، هو أن تولد عند المتلقي نوعا من الاندهاش والتساؤل، فأنت تعلم أن فعل القراءة في آخر محصلته هو نوع من التلخيص، أي محاولة القبض على ما يعتقد أنه الفكرة الرئيسية في النص أو ما يسمى تيمة النص، إذا لم تخلق هذه الفكرة أثرا لدى المتلقي فإنني أعتبر النص قد ضل هدفه، فكل فكرة هي رؤيا فلسفية، وبغياب هذه الرؤيا يفقد النص متعته الفكرية، فقديما قال الفلاسفة: "إن الدهشة هي أصل التفلسف".
 في رصيدك الآن تجربة تتجلى عبر عدة مجاميع قصصية. ما الذي تحقق من مشروعك، وما الذي لم يتحقق لحد الساعة؟
*ركبت غمار الكتابة الإبداعية لأعيش التجربة وأصغي إليها. أعتبر أن الممارسة هي مجال للتكوين وأن القلم يشحذ بالمراس والدربة، والاطلاع على مختلف النصوص الإبداعية، أشتغل الآن على المجموعة القصصية الخامسة، وترجمت نصوص إلى لغات مختلفة ستمكن من توسيع رقعة القراء المفترضين، كما أن بعض النصوص تدرس وتنجز حولها دراسات، هذا يشجعني على المزيد من الاجتهاد والإصغاء والتمرس المستمر.
 تهتمين بالمرأة خارج الإبداع من خلال مشروعك الذي تدافعين عنه في الدكتوراه، وكذا من خلال مشروع عمل في إطار الوزارة الوصية، غير أنك تغيّبين هذا الموضوع في الكتابة القصصية لفائدة الاهتمام بالإنسان وقضاياه الكبرى. لماذا هذا التغييب؟
علينا أن نفرق بين مستويات التناول، فقضية المرأة في بلدنا بل وفي كل البلدان العربية هي قضية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وتاريخية وقانونية وحقوقية، كل هذه الجوانب تتطلب بحوثا متخصصة تجلي واقع المرأة وما تعيشه من قهر وظلم ودونية وتكبيل لقدراتها وإمكانياتها وطاقاتها، فهي إذن قضية أمة يجب أن تتكاتف جهود كل الفاعلين: دولة ومجتمع مدني ومثقفين وخبراء، ورجال قانون وفقهاء وغيرهم لبناء مشروع مجتمعي يغير الوضع الحالي لوضع يحترم المواطن العربي بصفة عامة، وكوني امرأة فإنني أعمل في إطار جمعيات المجتمع المدني، موازاة مع طبيعة عملي الوظيفي وفي إطار البحث النظري.
على مستوى الإبداع القصصي لا أظن أن النص القصصي يمكن أن يسخر لذلك أو أن يعوض مهمة الأبحاث والدراسات، بالرغم أن قضية وضعية المرأة لم تغب من نصوصي، ويمكن الرجوع إلى مجموعة "الحلم الأخضر".
وهناك من الكاتبات من كانت هذه القضايا هي موضوع اشتغالهن، خاصة عند من يكتبن بصوت الأنثى. إنني لا أنكر أن للمرأة خصوصيات بيولوجية كما هي عند الرجل، وإذا ساءلت بعض النصوص بطرقها الخاصة هذه الخصوصيات وخلقت لنفسها آفاقا مغايرة فذلك يدخل في إطار حرية الكاتبة، ما يهمني أنا أكثر، هو جمالية النص القصصي، بحيث يستجمع النص ما يكفي من الطرق الفنية التي تجعل الكاتب يحقق لذته التعبيرية، وتأتي الكتابة في حلة منسجمة لآلياتها من قواعد وبناء وأسلوب يشد القارئ إلى أوهام الكاتب الخاصة.
 كثير من النساء العربيات يكتبن بصوت الأنثى الملتاعة والشبقية والمظلومة، وارتبطت شهرتهن بالبوح بالدواخل المكلومة للمرأة العربية المحرومة والمشيأة، غير أنك تتبرمين من هذه الكتابة. لماذا؟
*لقد حاولت أن أجيب على هذا السؤال من خلال مجموعتي الأولى "الحلم الأخضر"، التي مع الأسف لم تنل حظها من المتابعة والنقد، وقد جاءت أغلب النصوص بصوتِ ساردٍ ذَكَر.
أعتقد أن الأساسي هو النص في حد ذاته وليس كاتبه، ومن قصر النظر أن نحاسب النص من خلال كاتبه أو حياته، أتذكر المبدع الكبير المرحوم محمد زفزاف مرة، عاتبته سيدة عن موقفه المحتقر للمرأة في نص تحت عنوان مشي، فأجابها أن ذلك الرأي ليس موقفي، لا دخل لي فيه، إنه رأي السارد.
أعتقد أن النص لا يقبل أن يصنف حسب جنس كاتبه، وكم من كتّاب ذكور سبروا المرأة في كتاباتهم أكثر من المرأة والعكس صحيح.
 ألم تفكري لحد الساعة في كتابة رواية؟ وبالمناسبة أي الأجناس ترين أنها مناسبة لهذا الزمن؟
سبق أن لاحظ عدد من النقاد أن النصوص التي أكتبها جد مكثفة، وأنها تصلح لتكون رواية، أنت تعلم أن الرواية تحتاج إلى زمن أطول، ربما عدم التفرغ الذي أعيشه وتوزعي بين عدة مهام يجعلني أجد نفسي أكثر في القصة القصيرة، وتحولي مستقبلا إلى جنس أدبي آخر وارد.
 كيف تلقى النقد كتاباتك السردية؟ وما رصيد منجزك النصي من المتابعات لحد الساعة؟ وكيف تقيّمين الوضع النقدي المغربي بتواز مع ما يصدر في السوق من منجز أدبي؟
باستثناء المجموعة القصصية "الحلم الأخضر"، لقيت كل من مجموعاتي القصصية: "لنبدأ الحكاية" و "السماوي" و "انفجرت ضاحكة" حيزا محترما من المتابعة والنقد، وذلك يحمّلني مسؤولية الاجتهاد ومضاعفة المجهود، لأكون في مستوى آفاق المتلقي، غير أن المشكل يكمن في ضعف القراءة عموما، وهذا ما يتعين النهوض به، فعلى كل مسؤول بالشأن الثقافي أن ينخرط فعليا في تغيير الواقع المتردي، فمثلا قطاع التعليم حيث نلمس ضعف الأنشطة الثقافية التي تمثل فضاء ملائما لتفتح مواهب الشباب وتطوير قدراتهم في الخلق والإبداع وتنمية الذوق الجمالي والفني، وكذا ضعف دور قطاع الثقافة فيما يتعلق بتوفير أندية للشباب وغيرها من الفضاءات التي تروج للمنتوج الفني والأدبي، وكذلك دور وسائل الإعلام في التواصل ونشر المعرفة، بالإضافة إلى قطاعات أخرى مثل الجماعات المحلية والشبيبة والرياضة، بل أعتقد أن الشأن الثقافي مسؤولية الجميع.
أما ما يخص القارئ المتخصص فهناك مجهودات يقوم بها بعض النقاد عبر مجموعات بحث أو أبحاث فردية، ولكنها مع ذلك لا تتمكن من مواكبة التحولات العامة التي يعرفها مشهدنا الأدبي والفني عموما، لضعف إمكانياتها المادية من جهة، ولبعدها عن الإطار المؤسساتي الذي يضمن الاستمرارية والتراكم.
 وما رأيك في القصة القصيرة جدا التي ظهرت مؤخرا، وبسرعة أصبح لها نقادها ومحتضنوها ورموزها؟
إن تجربة القصة القصيرة جدا في بداياتها، وقد حضرت ملتقى جمعية النجم الأحمر بمدينة بلقصيري خصص لهذا الجنس، وانقسم الحضور بين مشجع ومتأمل حذر ورافض بحجة أن هذا الجنس يطرح المشاكل أكثر مما يشبع تلهف القارئ الباحث عن متعة الحكاية، لنترك الحكم حتى نضج التجربة ومعرفة موقف المتأمل الحذر.

السبت، 20 مارس 2010

ملتقى القصة القصيرة التاسع بالمغرب يكرم مليكة نجيب

 

2010-03-20 الرباط ـ العرب
ينظم نادي الهامش القصصي بشراكة مع عمالة إقليم زاكورة بالمملكة المغربية، والمجلس البلدي للمدينة، وبتنسيق مع النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية ملتقى أحمد بوزفور الوطني التاسع "زاكورة عاصمة للقصة القصيرة" احتفاء بالكتابة النسائية، وتكريما للقاصة المغربية مليكة نجيب خلال أيام 26، و27، و28 مارس 2010، بمشاركة ثلة من القصاصين والقصاصات، والنقاد المغاربة، والفنانين.
هذا وسيتضمن الافتتاح الرسمي الذي ينشطه القاص لحسن آيت ياسين كلمات للجهات المنظمة مساء الجمعة 26 مارس بدار الثقافة يليها عرض شريط بانورامي يؤرخ لتجربة نادي الهامش القصصي، فحفل تكريم القاصة المغربية مليكة نجيب، ثم الإعلان عن الفائز بجائزة أحمد بوزفور للقصاصين الشباب بالوطن العربي،و سيكون سكان الواحات على موعد مع افتتاح المعرض التشكيلي الذي يؤثثه مجموعة من الفنانين في مقدمتهم السينمائي والتشكيلي عمر سعدون، ومحمد بنور، وكمال الهاني، ومحمد برادة، وعلي السلافي.
أما اليوم الثاني، فسيشهد تنظيم ندوة في موضوع "بلاغة السرد في تجربة مليكة نجيب القصصية"، يؤطرها د.عبد العاطي الزياني بمشاركة: الناقد الأدبي محمد رمصيص، والأديب عبد السلام دخان، وشكيب أريج، وعبد الرحيم أيت خالد، ومحمد بوشيخة، ومحمد زيان، كما ستنطلق في نفس اليوم الورشات التكوينية لفائدة تلاميذ المؤسسات التعليمية بزاكورة من تأطير مجموعة البحث في القصة القصيرة، وسيكون عشاق القصة القصيرة بفضاء المركب الثقافي على موعد مع أمسية قصصية يقدمها الشاعرمحمد العناز مع مصاحبة على الماندولين من أداء الفنان العازف مصطفى شفيق، بمشاركة: أحمد بوزفور، ومليكة نجيب، ومصطفى جباري، وعبد المجيد جحفة، وقاسم مرغاطة، ولطيفة باقا، وأنيس الرافعي، ورجاء الطالبي، وليلى الشافعي، وياسين عدنان، وسعيد منتسب، وعبد السلام دخان، وعماد الورداني، وعبد العزيز الراشدي...
في حين سيعرف اليوم الأخير من الملتقى شهادات في حق مليكة نجيب ينشطها القاص محمد هشام العلوي.
وفي تصريح له عن هذه الدورة قال محمد الحفيضي رئيس نادي الهامش القصصي "تأتي الدورة التاسعة لملتقى أحمد بوزفور الوطني، في إطار جعل زاكورة عاصمة للقصة القصيرة، الهامش الثقافي الذي يأبى إلا أن يحتفي بأصوات المركز بعيدا عن ثقافة التهميش والإقصاء، عن طريق التأسيس لحوار قصصي بين مختلف الأجيال، والحساسيات الإبداعية داخل رقعة الوطن، أصوات من الشمال والجنوب، والشرق والغرب كلها ستجتمع على ضفاف وادي درعة، لتكرم أحد الكهنة للقصة القصيرة المغربية، إنها القاصة مليكة نجيب التي يشرفنا أن تحمل الدورة اسمها، وهنا التزمنا بضرورة أن يكون التكريم علميا من خلال ندوة: بلاغة السرد في تجربتها القصصية، في هذه الدورة سنطفئ أول شمعة لجائزة عربية تعنى بالقصاصين الشباب، جائزة تحمل اسم شيخ القصة القصيرة المغربية أحمد بوزفور.
وأضاف أن هذه الدورة تنفتح على جغرافيات فنية لها رمزيتها تتصل بالفن التشكيلي، والعزف،و سيستفيد أكثر من 100 تلميذ وتلميذة من الورشات التكوينية في مجال كتابة القصة، سيأتون من قرى نائية وبعيدة ستنظمها مجموعة البحث في القصة القصيرة، وبتنسيق مع النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بزاكورة "